أوكرانيا العزيزة!

كيف صنعوا ذلك؟... لماذا حولوا سماءك الزرقاء والصافية، وسحابك البيضاء، وتربتك الخصبة التي تُشم منها رائحة القمح الطازج إلى ما هي عليه؟ والآن تبكي سماؤك عليك، وخيمت الضباب على نار القذائف التي تخترق قلبك، وتحاول إطفاءها بالمطر والرذاذ، وتُكتَب في القمة الخالدة لتاريخ البشرية أسماء أراضيك التي رويت بدماء أبنائك الشجعان الذين ضحوا بأنفسهم، ودماء النساء والأطفال الأبرياء.
والآن تبكي عليك مع تلك السحاب الإنسانية التي أيقظتِها من غفلتها بشجاعتكِ وإرادتك، وتتألم مع ألم جروحك. هذا الألم هو دموع القرون. إنه دموع الألم التي تسايلت عبر تاريخ من أجل استسلام القيم الإنسانية والروحية للاضتهاد والعنف. هذه نفس الدموع التي ذرفتها الذاكرة التاريخية بسبب مجازر "خوجالي"، و"أغدابان"، و"فان"، و"خاتين"، و"سريبرينيتشا"...
اصمدي يا أوكرانيا الشجاعة! هذه الحرب التي خضتِها من أجل وطنك وحريتك أقدس الحروب، حرب الحق ضد الظلم والعنف! إنها حرب السحاب والقذائف، والدموع والعنف. إنها حرب بدأت في تغيير مجرى العالم، حرب حياة والموت من أجل الإنسان والإنسانية...
لا تحزني يا أختي العزيزة... اعلمي أننا نسمع معك أنين أبنائك الشرفاء أمثال "نيقولاي غوغول"، و"ميخائيل بولجاكوف"، و"ألكسندر دوفجنكو"ليسيا أوكراينكا" الوطنية عندما تتجول أرواحهم المستاءة في شوارع كييف عند الغسق الصامت. نعاني معك آلام السطور التي كتبها الشاعر الكبير "تاراس شيفتشينكو" بحبه لابنه، ونفتخر بصمودك وشجاعتك...
حِينَ أَمُوتُ قُومُوا بِدَفْنِي
فِي أوكرانيا العَزِيزَةِ
وَاحْفِرُوا مَرْقَدِي
وَسَطَ السُهُولِ المُمْتَدَّةِ
حَتَّى أَرْقُدَ تَحْتَ جُثْوَةٍ
فَوْقَ "دنيبر" العَظِيمَةِ
لِأَسْمَعَ عِنْدَ الِانْحِدَارِ
هَيَجَانَ "دنيبر" الْقَدِيمَةِ
وَحِينَ يُطَهِّرُ تُرْبَةَ أوكرانيا
مِنْ دِمَاءِ كَلِّ عَدُوٍّ مَقِيتٍ
سَوف أَنْهَضُ مِن مَرْقَدِي
وَأَصْعَدُ إِلَى اللهِ رَبِّي
بِمُنَاجَاتِي وَ خَالِصِ عِبَادَتِي
الكاتبة/ آفاق مسعود